سئمنا خطابات التحريض والكراهية
يمنات
صالح هبرة
أعتقد أن ما أحدثه فوز منتخب الناشئين اليمني لكرة القدم على نظيره السعودي من تفاعلات شعبية وفرحة غمرت كل اليمنيين من صعدة إلى عدن، ومن ميدي إلى سقطرى، من هم داخل الوطن وخارجه، ونزول الجماهير تلقائيا إلى الشوارع كالسيل الجارف على مستوى كل محافظة ومديرية وقرية وشارع تعبيرًا عن فرحتهم واعتزازهم بهويتهم الوطنية مُردّدين “نفديك يايمن”، وصهر كل الفوراق المذهبية والحزبية والطائفية والجهوية وما أحدثته الحروب من شروخ وتباينات في بوتقة واحدة، (نفديك يايمن ) بما يمثله من هوية وطن يستدعي التوقف عنده.
ويستدعي إعادة النظر والمراجعة -من قبل القوى السياسية- في ما الذي يجب أن يقدم وما الذي ينبغي أن يقال؟
إن حياة الشعوب من حياة أوطانها، وكرامتها من كرامة أوطانها، وعزتها في تبني مواقفها التي تجسد هويتها الوطنية، وتبنِّي المواقف الجامعة لا المواقف الضيّقة المفرقة، ولا بالشعارات الاستهلاكية، ولا بفوهة الدبابة وأصوات المدافع، ولا بالاستعراض على بعضنا البعض، فركلة قدم من شبل حرّكت اليمن من أقصاه إلى أقصاه، ووحدت هتاف ما يقارب من ثلاثين مليون، وأتت بما عجز عن الإتيان به كل السّاسة على مدى عقود، فهل من الممكن أن نستفيد من مثل مواقف كهذه؟
ليبادر أصحاب الشأن بتغيير خطابهم الحزبي والطائفي المفرق واستبداله بخطاب جمعي موحد، وليفتح المجال لكلٍ وما يختار في قضاياه الخاصة، وما يهمه من أمردينه، فليس أحد بوكيل على احد .
يشهد الله لقد سئمنا خطابات التحريض والكراهية والتنابز بالألقاب، لقد سئمنا الخطابات المذهبية والطائفية بروائحها النّتنة التي أزكمت أنوفنا، ودمرتنا، وكرهتنا بأنفسنا وكرهت العالم بنا.
يكفي عرض مشاهد لجثث أبنائنا ودمار بلدنا لخدمة مشاريع بعضها ليست إلا في عقول وأوهام أصحابها، لا تبني بلدًا ولا ترفع من شأن إنسان، ويكفي ما قد حصل.
والحليم تكفيه الإشارة.